كتبت الزميلة هيام القصيفي في “الأخبار”: مرة تلو أخرى، يجري الترويج لاحتمال تحريك الملف الرئاسي ربطاً بمواعيد ومسارات خارجية. لكنّ واقع الحال لا يبشّر بذلك، ولا يوحي بوجود أيّ توجّه في هذا الصدد في وقت قريب
وتابعت القصيفي: “ثانياً، الاستعجال في تفسير التحرك الفرنسي والأميركي في اتجاهين بأنه يمكن البناء عليه. ففي حين بات الدور الفرنسي متعثّراً، لا يمكن الاعتداد بأيّ تحرك أميركي قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية الأميركية، ولا سيما أن هناك ملاحظات أميركية داخلية على أداء الموفد الأميركي عاموس هوكشتين ومقاربته للملف الرئاسي. كما أن لا مصلحة للدول العربية صاحبة الكلمة في ما يجري لبنانياً، بإبرام تسويات رئاسية أو أيّ ترتيبات تتعلق بلبنان، مع إدارة أميركية قد تكون على أبواب مغادرة البيت الأبيض. وكما استنفدت هذه الدول الوقت منذ سنة ونصف سنة، لن تستعجل اليوم في تقديم «تنازلات» قد تطيح بها الإدارة الجديدة، كما أنها لا تجد نفسها في وارد القبول بأيّ تسوية من خارج موافقتها الشاملة، على عكس ما حصل مع تسوية عام ٢٠١٦. وحتى الآن لم يتغير موقف هذه الدول ولن يتغير تبعاً لتطورات المنطقة وما تذهب إليه بعد حرب غزة، وزيادة النفوذ الإيراني فيها.
وختمت القصيفي بالقول: “ثالثاً، أثبتت الأشهر الماضية والاتصالات الخارجية والمبادرات السياسية الأخيرة، أن كل القوى السياسية لا تزال على مواقفها من مرشحيها الرئاسيين، وأن كل المبادرات التي جرت حتى الآن لم تغيّر فاصلة في هذه المواقف. لكن ما أضيف الى ذلك، أن الوضع الداخلي الذي ينهار منذ سنوات قليلة، ويحتاج الى إعادة بناء المؤسسات فيه، بات أكثر تحللاً، ولم يعد في جهوزية يمكن التعويل عليها للاتفاق على ما يؤدي الى إجراء الانتخابات. فما رافق عملية خطف منسق القوات اللبنانية في جبيل باسكال سليمان وقتله، وردود الفعل التي تتفاقم، أظهرت مجدداً هشاشة الوضع السياسي وحدّة الانقسامات السياسية بين طرفين، بما لا يمكن معه الرهان على أيّ التقاء على إجراء الانتخابات الرئاسية. عطفاً على أن حرب غزة ومشاركة حزب الله في حرب الإسناد سبق أن عززتا وجهة الانقسام بين القوى السياسية، الى حدّ لا يسمح بالاعتقاد بإمكان إجراء أيّ حوار أو حتى نقاش تمهيدي للانتخابات في هذه الأجواء المشحونة. ولا تكمن الخطورة في انعكاس مباشر للأحداث المتتالية على العلاقة بين المكونات السياسية والشعبية فحسب، وإنما في أن الطرفين يذهبان الى الرهان على متغيّرات تساهم في ترجيح كفة الميزان، بحيث لا تعود التسويات مطلوبة. ولا يبدو أن ذلك متاح في وقت قريب. ما يعني مزيداً من المراوغة الرئاسية والتفسخ الداخلي الذي ينذر مرة بعد أخرى بأن الأزمة باتت تحتاج الى أكثر من ترتيب ظرفي.