ودعت زحلة ابنها الشاب إيلي أسعد التن الذي توفي مساء أمس الأربعاء بحادث سير مروع على طريق ضهور زحلة.

وفي كنيسة دير مار الياس الطوق حيث أقيمت الصلاة عن نفس الراحل، ألقى راعي ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم كلمة جاء فيها:

يا ربيعي العذب يا بني الحلو أين اختفى جمالك! يا ضيا عينيَّ يا ولدي الحلو كيف حُجبت في قبر!

بهذه الكلمات من فمِ مريم الطاهر انحنت العذراء على جسمِ ابنها المائت وقبَّلتهُ بحرارة الأمهات ورجاء القيامة الآتية. وأنتم اليوم على مثالها أتتكم دعوةٌ حزينة من أعماق بدايات الليل الساكن، صوت الجرس رنّ في القلب نغمة الرحيل، والألم التف حولكم مثل الغيوم السود. مشاعر عاشتها مريم تنزرعُ في قلوبكم وأنتم أمام صليب إيلي تقاسون الآنَ ما لا يُحتَمَل.

إيلي أسعد التن، وحيدُ أهله، من مواليد 15/5/1987، شاب في عز إشراقه، انقطعت حبال حياته المتشابكة فجأة، كأن الزمن انقضى والأماني انطفأت، واللهفةُ أصبحت كلمةً ممزوجة بالألم. من يعرف ماذا يخبئ العُمر في دفاتر الأيام؟ من يعرف متى يأتي جوع الموت ليأخذ مَن يشاء؟

في اللحظة التي نفقد فيها شخصًا نحبه، نتساءل عن معنى الحياة، نفكر في غموض الوجود وفي معنى رحيل الروح. إيلي يقولها لنا اليوم وصية حب ووفاء: يا أحبائي، الحياة عطية قصيرة وغالية جدًا، علينا أن نعيشها بكل قوتنا ونحب بصدق ونحقق أحلامنا. لو كنت أعلم ساعة الرحيل لقبَّلتكم بحرارة وغمرتكم بقوة حبي لكم. لكن من مدينة اللهِ الباقية إلى الأبد أُرسل لكم عهدي بأنكم ستبقون في قلب روحي إلى حدود الوجود الذي لا حدَّ له. سأصلي معكم ولكم أمام عرش الخالق ذاتِ الجمال اللامتناهي. أنا في سلام وفرح ولمسة الله لي لا وصف لها. إنها كلُّ الحنان والأمان. لا تقلقوا عليَّ، بل اعتنوا بعضكُم ببعضٍ بالمحبة الفائقة.

أيها الأحباء، إيلي شاب مؤمن خلوق، محب، غيور، متوجٌ بالمزايا الطيبة. طموحٌ بدأ حياته العملية منطلقا من مبدأ الإخلاص للعمل. لم يقصده أحدٌ بخدمة إلّا ولبّى حاجته بقدر روحه المعطاءة. إنه كُتلةٌ من وفاء وطيبة وصدق وخير. لا تفارقه الابتسامة بين أهله ومحبيه.

لنصلِّ من أجل إيلي، ولندعو لروحه بالسلام والراحة، ونتذكر دائمًا أن الوجود له معنى أعظم من مجرد الحياة الفانية. ففي أوقات الفراق والألم، يجب علينا أيضًا أن نتذكر قوة الإيمان، فالإيمان هو الذي يمنحنا الأمل والصبر في وجه تلك اللحظات الصعبة.

قد يكون رحيل إيلي في عيد الميلاد مؤلمًا لنا جميعًا، وُلد لحياة السماء، لكنه يترك وراءه إرثاً قيمًا وذكرياتٍ جميلة نشاركها ونحتفظ بها في قلوبنا وأرواحنا. فلنتعلم من هذا الحزن كيف نكون أقوى وأكثر تواصلًا مع أحبائنا، لنخصص الوقت للابتسام والحنان والصلاة وقضاء الوقت مع أولئك الذين نحبهم.

باسم إخوتي الآباء المشتركين معي في هذه الرُتبة أُعزَّي والدي الفقيد أسعد وإلهام وأرملتُه أوغستا وولديه أسعد و نور وشقيقاته هبة، ريما، و سارة، وعموم الأقرباء والأصدقاء وكل الحاضرين؛ مُصلِّيًا أَن يَمُنَّ الربُّ القديرُ عليهمِ بالمواساة. فلتكن ذكرى إيلي حية فينا ما حيينا، ولنخْتِم هاتِفين نشيدَ الانتصارِ: المسيحُ قامَ! حقًّا قامَ!

مشاركة.

التعليقات مغلقة.