تفقد رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، راعي ابرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس المتروبوليت انطونيوس الصوري ومفتي زحلة والبقاع الشيخ الدكتور علي الغزاوي مستشفى الرئيس الياس الهراوي الحكومي في زحلة، حيث كان في استقبالهم رئيس مجلس الإدارة الدكتور نقولا معكرون، أعضاء مجلس الإدارة: الدكتور زين الدين السيد، المحامية كريستين سبانخ والمحامي موسى ابراهيم، مدير المستشفى الدكتور جوزف حمصي، رئيس الدائرة الطبية الدكتور عمر عبد الساتر، رئيس الدائرة الإدارية والمالية عباس المستراح، رئيسة دائرة التمريض ربيعة سخط سيدي بحضور النائب الأسقفي العام الأرشمندريت نقولا حكيم والشيخ عاصم الجراح.

دفع الى الأمام

في بداية اللقاء، تحدث رئيس مجلس إدارة المستشفى الدكتور نقولا معكرون شاكراً الزيارة ومما قال: “بركتكم غالية علينا في صرح هذه المؤسسة العامة التي يحتاجها الجميع. اشكر زيارتكم باسمي وباسم الإدارة وجميع الموظفين وكل كوادر المستشفى، وهذا شرف لنا.

هذه الزيارة هي دفع الى الأمام، نحن بحاجة لشبك ايدينا جميعاً لكي تكون جهودنا مثمرة في هذه المؤسسة في الحقل العام. وكما ترون العمل في المستشفى على ما يرام بفضل الكوادر الطبية والتمريضية والإدارية، ما زلنا صامدين في ظل هذه الأزمات. ليعطنا الله القوة لكي نبقى متشبثين في هذا البلد وليس لدينا ولاء سوى لهذا البلد.

اكرر شكري للجميع واتمنى لكم الصحة والعافية لأنكم تشكلون سنداً كبيراً لنا، وبمناسبة الأعياد المجيدة اغتنم الفرصة لأعايد الجميع، وآمل ان تكون ولادة يسوع المسيح فرصة تخلّصنا من كل الأزمات الصعبة، وبصلواتكم وبركتكم نستمر”.

“عمدة من أعمدة بقاعنا”

أما المفتي الغزاوي فقال: “سعداء ان نكون في زيارة هذا الصرح مع اصحاب السيادة المطارنة واصحاب الفضيلة لنؤكد المؤكد اننا والدكتور نقولا والدكتور جوزف والكادر الطبي والتمريضي والإداري في هذه المؤسسة الوطنية التي هي عمدة من أعمدة بقاعنا، ونحن في زحلة شاء الله ان يكون اسم هذه المؤسسة، لربما يستذكره الناس بعد قيامة لبنان بعد الحرب الأهلية من جديد وكان هذا الإسم الذي اطل على لبنان من بقاعنا ومن زحلة الرئيس الياس الهراوي، والذي سُمّي هذا المبنى باسمه حتى يبقى للبقاعيين ذكرى انه ترأس الدولة والجمهورية رجلٌ من بقاعنا.

وعندما تكون هذه المؤسسات قائمة على اصولها، محتضنة من مجتمعها ومدعومة من وطنها تقوم هذه المؤسسات على ما بنيت من اجله. ونحن نعلم انه ان كان هناك ارادة في مكان ما لتفريغ الدولة من اداراتها فينبغي ان نقول ارادتنا وان نعمل ارادتنا. ارادتنا ان تبقى دولتنا وان تبقى مؤسسات دولتنا بكلّيتها، ومن المؤسسات التي تحتاجها الدولة ويحتاجها الوطن والمواطن، المؤسسات الإستشفائية وبخاصة الحكومية. نحن لا نلغي دور الخاص في لبنان ان كان تربوياً او استشفائياً او كان ثقافياً او اجتماعياً او رياضياً، فهذه المؤسسات الخاصة قامت لتكون رديفاً وقامت لتكون الى جانب مؤسسات الدولة وليست بديلاً عنها، لأن مؤسسات الدولة عندما يقف الإنسان على تربتها وعندما يكون الإنسان فيها يشعر انه بين يدي امه لأن الأم للجميع هي الدولة. لذلك جئنا مع السادة المطارنة لنؤكد على ان هذه المؤسسة موجودة في بقاعنا لأهلنا، وعلى اهلنا ان يكونوا متأكدين ان هذه المؤسسة تحتضنهم عند الحاجة، فإن فقد الإنسان شيئاً من صحته كان على المجتمع العمل على ان يداوي ما كان من سقم في اي فرد. وعندنا هذه المؤسسة التي تستطيع ان تستقبل من احتاجها من ابناء الوطن. وكذلك الأمر جئنا لنرفع الصوت ان هذه المؤسسة في البقاع بحاجة الى دعم من الدولة حتى تكون هذه المؤسسة اكثر عطاءً واكثر استيعاباً وأكثر اداءً، فاذا كان اداؤها بالحد المحدود هو امر محمود، فكيف اذا كان اداؤها بالحد الأعلى وهو مطلوب . لذلك مطلوب من الدولة ان تدعم هذه المؤسسة لأنها من حيث الحاجة مترامية الأطراف”.

أضاف: “هنا اؤكد على اعادة فتح مستشفى بر الياس الذي هو رديف  لهذا المستشفى الحكومي، وهي مشفى حكومي الآن مغلقة ابوابها ينبغي ان تفتح ابوابها. كذلك نؤكد على اننا صحيح في مشفى حكومي الآن ومشفى وطني، نحن نشكر المستشفيات الخاصة التي تستوعب ابناءنا وتكون الى جانب اهلنا في أزماتهم. حتى نخرج من ازمتنا، نحن متفقون مع اصحاب السيادة ومع كل من يريد للدولة ان تقوم، ان نبقى مع مؤسسات دولتنا بكلّيتها وان نبقى مع حاجات المواطنين، لذلك جئنا اليوم لنقف الى جانب المواطن، اما بيت تستطيع ان تداوي جراحك فيه فهو موجود هنا، وجئنا لنقف مع اهلنا ونقول ان مؤسسة بنتها دولتنا ينبغي ان تستمر ليس بالحد الأدنى انما بالحد المطلوب لأن نعمتين مغبون فيهما الكثير من الناس: الصحة والفراغ، وعندما يكون الإنسان صاحب صحة وصاحب جسد سليم يستطيع ان يعطي دولته بقدرات سليمة ويسلم الوطن، واذا سلم الوطن بمواطنيه سلم عقلنا وسلم هدفنا وسلمت ارادتنا.

نشكر المجلس الإداري لهذا المستشفى والإدارة الطبية والتمريضية على متابعة عملهم وأسأل الله ان يأخذ بأيدينا جميعاً الى الخير”.

 دور المؤسسات الحكومية

ثم تحدث المطران ابراهيم فشكر الجميع على تضحياتهم وقال: “نحن هنا اليوم لنؤكد على دور المؤسسات الحكومية وضرورة الحضور الدائم والفعّال لمؤسسات الدولة لكي يبقى لنا فكرة في عقولنا انها موجودة وان هناك دولة، وان هذه الدولة مصممة على متابعة رسالتها بالرغم من كل العقبات والصعوبات التي تبدأ من الخارج ومن الداخل ومن كل الجهات ونحن نعرف ان أحد اسباب تراجع مؤسسات الدولة هو الفساد الذي اصابها كما اصاب المؤسسات الخاصة ايضاً، وهذا الفساد أخّر رسالة المؤسسات السامية تجاه خدمة الإنسان كإنسان دون اي تفرقة. لأجل ذلك، نحن اتينا اليوم لنكون سنداً وعلامة ورمزاً لحضور الناس الفعّال الى جانب مؤسسات الدولة، وخيارهم هو الخيار الدائم بأن يكون لنا دولة قوية ذات سيادة، مستقلة في قرارها، دولة فعّالة تستطيع ان تمد يدها الإجتماعية والسياسية والأمنية وتحيط بكل الناس وتضمهم الى صدرها. فالمواطن من دون وطن والوطن من دون مواطن لا يساوون شيئاً”.

أضاف: “نحن نريد ان نؤكد على اهمية دور القطاع الصحي في لبنان الرسمي والخاص، وانا على رأس مؤسسة صحّية، هكذا شاء الله، واقوم بواجبي على قدر ما قدرني الله، واعرف مدى صعوبة هذه الرسالة وكمّ التحديات التي تقف في طريقنا وتواجهنا، لذلك نريد احياناً ان نفهم ما الذي يجعل هذه المؤسسات تستمر؟ وانا قد اكتشفت بأم العين وبالإختبار ان الجسم الطبي في لبنان والجسم التمريضي لا يعملون من اجل كسب رخيص لكنهم اختاروا ان يبقوا في مجال العطاء لأن لهم رسالة مميزة، وهذه الرسالة تجعل من الإنسان قادراً على ان يحافظ على كرامته، فالمرض والكرامة شيئان لا يتقاربان: اذا مرض الإنسان ولم يكن له اي امل بالشفاء فإن الكرامة ايضاً تُهان، لذلك انتم حافظتم على كرامة الناس في هذه المنطقة، في زحلة وفي بقاعنا الغالي، هذه الكرامة هي الوطن الحقيقي للإنسان. أنا اينما كنت في هذا العالم وكرامتي معي فأنا ساكن فيها وهي ساكنة فيّ وهي وطني وانا مواطنها.

لذلك، انا اتيت اليوم مع صاحب السماحة وصاحب السيادة والآباء والشيوخ الأفاضل لكي نقول لكم نحن مجرد رمز وكأن البقاع كله معكم اليوم، بكل ما نمثل، نحن جالسون معكم الى هذه الطاولة لكي يكون هناك اشتباك ايجابي بين الإرادات الطيبة والقلوب المعطاءة.

اشكركم على حسن استقبالكم وعلى كرمكم ومحبتكم وعلى عطائكم الدائم وعلى خياركم المستمر بالحفاظ على كرامة الناس من خلال منحهم الشفاء، وهذه النعمة نعمة الأشفية هي افضل ما يمكن ان نقدمه للناس”.

 الحفاظ على كرامة الإنسان

وكانت كلمة للمتروبوليت الصوري جاء فيها: “نحن اليوم في زمن الميلاد، زمن الرجاء، زمن الحياة الجديدة والنور في حياة البشرية كلها والخليقة، وهذا العيد هو عيد الحياة وهذه المؤسسة هي مؤسسة تعنى بالحفاظ على الحياة وتحسين ظروف الناس الذين لديهم مرض او ضعف لكي تكون حياتهم افضل، وهذه بحد ذاتها رسالة ايمانية لأن الرب يسوع يقول في الإنجيل “جئت لتكون لهم الحياة ولتكون افضل”، فعملكم هو مشاركة في عمل العناية الإلهية في البشر لكي تكون حياتهم افضل، وعملكم هو رسالة انسانية صحيح ولكن هي في عمقها رسالة ايمانية لأنها تحمل احترام الحياة الإنسانية، احترام الكيان الإنساني، واحترام الإنسان كقيمة عليا في هذا الكون لا يوجد اسمى منه.

ونحن في زمن اصبح الإنسان يوضع في اسفل دركات القيمة للأسف، من خلال افكار لا تمت لحقيقة الإنسان بشيء بل على العكس هي ضد حقيقته الإنسانية. ولذلك نحن كمؤمنين لدينا هذا التوق ان نكون دائماً شاهدين في كل عمل لقيمة الإنسان، وحقيقة ان الإنسان هو صورة الله ولذلك هو مكرّم فوق الكل. والإنسان في ضعفه يمكن ان تهتز كرامته ، واليوم هناك اناس لا يستطيعون الدخول الى المستشفى ولا شك ان في بلادنا هناك عجيبة قائمة، هي انه ما زال البلد يسير رغم كل الظروف. شر هذا البلد هو الإيمان الموجود عند ابنائه بالرب الذي يعطي روح المشاركة والتعاضد بين البشر جميعاً، لأي دين انتموا، فالدين لم يعد سبباً للتفرقة كما يروّج في العالم، الدين هو سبب وحدة حول الإنسان نفسه كقيمة عليا”.

وتابع: “وجود هذه المؤسسة المباركة هو امر مهم جداً لأنها تساهم في الحفاظ على كرامة الإنسان في هذا البلد خاصة في هذه الظروف التي اصبح الإستشفاء فيها امراً صعباً للغاية ومكلفا جداً في ظل الإنهيار الإقتصادي والمالي. وما جرى في هذا البلد ان شعبنا كله اصبح منهوباً ولكن رغم ذلك نحن لدينا الإرادة للحياة. وجود هذا المستشفى ووجودكم ككوادر تعمل فيه، هو أكبر شهادة اننا كلبنانيين نستمد القوة من ايماننا بالله. نحن كلبنانيين شعب يبتغي الحياة ويرفض الموت. نحن كلبنانيين سنبقى رائدين رغم الصعوبات والضيقات التي حولنا، سنبقى رائدين في اعلاء شأن الإنسان والإهتمام به والحفاظ على كرامته.

اليوم دوركم كمؤسسة في هذه الدولة التي تتحلل وما زالت هذه المؤسسة قائمة وتعمل وهذا بحد ذاته اعجوبة بنعمة الله والرب الذي يفعل فيكم ويعطيكم هذه القوة والإرادة والتصميم على الصبر والتضحية لكي تستمروا.

وجودنا اليوم مع صاحب السيادة وصاحب السماحة وصاحب الفضيلة والآباء الأجلاء هو لنؤكد على اهمية دوركم ونشجعكم ونصلي من اجلكم ونستمطر بركات الرب عليكم جميعاً، كل العاملين في هذه المؤسسة حتى تبقى بقعة رجاء وبقعة نور في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها”.

مستمرون

وأخيرا، تحدث مدير المستشفى فشكر الجميع على الزيارة وقال: “زيارتكم اليوم لنا هي بركة بحد ذاتها في هذه الظروف التي نمر بها والأزمات الكبيرة التي مررنا بها من كورونا الى الأزمة الإقتصادية واليوم ازمة الحرب التي نحاول قدر المستطاع ان نتحضر لها وهي تأخذ منا مجهودا كبيرا. زيارتكم هي دافع كبير لنا وما نطلبه منكم اولاً البركة وان تكون سنداً لنا لنبقي هذه المؤسسة تعمل وهي تخدم اهالي زحلة والبقاع. نحن بحاجة الى امور عديدة نتحدث عنها لاحقاً، ونحن مستمرون بهمة جميع العاملين في المستشفى ولن ندع اي شيء يثنينا عن القيام بواجباتنا.”

بعد الإجتماع جال الحضور في أرجاء المستشفى متفقدين الأقسام، من قسم غسيل الكلى الى الأشعة والمختبرات وقسم الطوارئ وزاروا المرضى في غرفهم مطمئنين الى اوضاعهم.

مشاركة.

التعليقات مغلقة.