كتبت صحيفة “النهار”:

يجدر بالمراقبين أن يتابعوا حركة النائب ميشال ضاهر ومواقفه. هو بات يشكّل نموذجاً عمّا هو عليه “النائب المستقلّ”، وهو توصيف لم يعد رائجاً في لبنان، حيث ينضوي النوّاب في تكتّلات، ولو كانت تخالف قناعاتهم للاحتماء بها، أو يشكّلون حالات مستقلّة ولكنّها تتأثّر بداعمين سياسيّين، أو حتى ماليّين.

يبدو ميشال ضاهر متحرّراً من هذه الارتباطات كلّها. لا هو يحتاج الى من يدعمه ماديّاً، فيأمره، ولا لمن يعينه انتخابيّاً فيصبح رهينةً له. هو ترأس لائحة مستقلّة، وفاز بأحد المقعدين الكاثوليكيّين الأبرز في لبنان من دون “جميلة” أحد.

فالرجل لم يلجأ الى المواقف الشعبوية في بدايات الازمة لا بل كان جريئًا في مصارحة الناس عن الانهيار القادم الى حدّ اتهامه من قبل عددٍ من القوى السياسية بالمتشائم، ولكن النائب الخبير بالشؤون الاقتصادية أصاب بتحذيراته كلّها.

واللافت أنّ ضاهر، الذي ينضوي سياسيّاً اليوم ضمن الفريق المعارض، يطلق مواقف متمايزة في محطاتٍ كثيرة عن المعارضة. هو، مثلاً، أعلن بشكلٍ مباشر ومن دون مواربة أنّ مرشّحه الرئاسي هو قائد الجيش العماد جوزيف عون، من دون أن يغلق الباب تماماً على مرشّحين آخرين تنطبق عليهم الصفات المطلوبة في هذه المرحلة، وأهمّها، بالنسبة الى ضاهر، النهوض بالوضع الاقتصادي.

كذلك، يملك ضاهر آراء ومواقف اقتصاديّة خاصّة، قد تلتقي أحياناً مع الموالاة وقد تتّفق مع المعارضة في أحيانٍ أخرى، فهو لا يعلنها ليرضي هذا الفريق أو ذاك، بل هي قناعاته يقولها، غالباً، بشكلٍ “فجّ” ومباشر، من دون مراعاة خواطر.

وحين بدأ أكثر من فريق العمل على تقاطع على اسم جهاد أزعور، كان ضاهر سبّاقاً في التحفّظ، لعلمه بأنّ وزير المال السابق لا يملك حظوظاً، وهو سيتحوّل الى مرشّح مواجهة مع سليمان فرنجيّة، ليحترق لاحقاً. وهذا ما حصل فعلاً.

وحين دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة حوار، لم ينتظر ضاهر مواقف المعارضة، وخصوصاً رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، بل سبق إطلالته في قداس الشهداء بيومٍ واحد، وطلب، عبر تغريدة، منح فرصة للحوار، ولو كان الأمل ضئيلاً بنجاحه.

ويعتبر ضاهر، في هذا الإطار، أنّ ذهاب المعارضة الى طاولة الحوار بموقفٍ مبدئي موحّد، وعدم تقديم تنازلات أفضل بكثير من الانقسام الحاصل حاليّاً حيال هذا الأمر.

باختصار، يتمتّع ضاهر باستقلاليّة تامّة في المواقف. هو معارض اليوم، ولكنّه متمايز. مواقفه لا تنسجم إلا مع قناعاته ومع مصالح منطقته وناسها. يقول زائروه إنّه أسّس في البقاع امبراطوريّة تتوزّع بين المصانع والأراضي الزراعيّة ومشروع الطاقة الشمسيّة والمؤسسة الاجتماعيّة التي تحمل اسمه، والتي تُعتبر من الأكثر تطوّراً وتقديماً للخدمات في لبنان. ولا نغفل أيضاً عن صعوده داخل الطائفة الكاثوليكيّة التي “أكلت” نوّابها الأحزاب.

مشاركة.

التعليقات مغلقة.