كتب الخبير في شؤون الأمن الغذائي الدكتور فايز عراجي على فايسبوك قصة واقعية من وحي إذلال العائلات في موسم انطلاق المدارس، حيث الأزمة المالية والجشع التقليدي لا يرحمان أحداً.

عندما يُذلّ الاطفال ينتهي الكلام

اتفقا على أن يلتقيا قرب المدرسة. أبٌ لولدين انهك كاهله الانهيار الاقتصادي والمالي الذي نعيشه. تواصل مع والد تلميذ في صف أعلى. طلب أن يشتري الكتب المستعملة. لبى الثاني النداء والتقيا امام المكتبة. سعّرت عاملة المكتبة الكتب ب ١٢٠ دولاراً بدل ٢٤٠ (المستعمل نصف السعر) من ضمنها دفاتر التحضير وكتب تقوية للامتحانات الرسمية. تلبّك الوالد وشعر بالاحراج وراح يفكّر ما العمل؟ استلّ من جيبه كل نقوده…. كل ما معه ١٠٠ دولار فقط. لكن نفسه أبيّة لأنه رفض عرض الأول بأن يسدد المبلغ لاحقاً خلال السنة. ما العمل؟ انتقى صاحب الكتب ٧ منها وطلب من عاملة المكتبة تسعيرها. “٨٥ دولاراً” قالت.طلب من الشاري اعطاؤه ٨٥ دولاراً واخذ هذه الكتب الاساسية. وافق الشاري ريثما يجد حلاّ لبقية الكتب. ابنه بجانبه متوتر.

كيف له ان يدرس دون كتب. قبض صاحب الكتب المبلغ وانسحب تاركاً بقية الكتب على الطاولة امام الشاري. “باقي الكتب هدية”. ركض الشاري وراء صاحب الكتب ليعبر له عن رفضه للهدية. “عيب استحي. روح ضب الكتب وخود ابنك وفل بقى. ابنك ابني. واذا بتقبل مني ردلك المصاري حتى تشتري كتب البنت بكون ممنون”. حتماً رفض الأب استعادة المبلغ. كرامته لا تسمح له بذلك. لكنه وقف جامداً لا يدري ماذا يقول. “يطوّل عمرك”. وسالت دموعه بغزارة لكن بصمت الكبار المقهورين.

بلد القهر. عندما يذلّ كبار النفوس نكون قد وصلنا الى الحضيض. وعندما يذلّ الاطفال لا كلام ينفع بعد ذلك. الصمت أبلغ.

مشاركة.

التعليقات مغلقة.