كتبت الزميلة ميسم رزق في “الأخبار”: “تواصلت الاتصالات الدبلوماسية لضبط التوتّر في الجنوب بعد ضمّ العدو الإسرائيلي القسم الشمالي من بلدة الغجر إلى الأراضي المحتلة، بالتوازي مع تمسّك المقاومة بالإبقاء على خيمتين نصبتهما في مزارع شبعا المحتلة خلف ما يُعرف بـ«خطّ الانسحاب». وتستمرّ الوساطات التي يتولّاها الفرنسيون والأميركيون والأمم المتحدة بعد تبلّغهم من لبنان، رسمياً، أن قضية الغجر خارج النقاش، وأن «الخيم مرتبطة بالنقاط الـ 16 المتنازع عليها ومن ضمنها نقطة B1»، رداً على اقتراح إزالة الخيمتين مقابل تراجع العدو الإسرائيلي عن ضمّ الغجر، بما في ذلك إزالة السياج والأسلاك الشائكة التي ثبّتها لتطويق البلدة وضمّها، أو تسليم الخيمتين للجيش اللبناني، مقابل تراجع العدو عن ضمّ الجزء الشمالي من بلدة الغجر، وتسليمه لقوات الطوارئ الدولية (اليونيفل)”.
ولفتت رزق إلى أنه “رغم سقوط الاقتراحات السابقة، وتأكيد لبنان «تمسّكه بكامل الحقوق اللبنانية وتطبيق القرار 1701، ونزع التعدّيات الإسرائيلية وصولاً إلى النقطة B1»، إلا أن الأطراف الخارجية لا تزال تبذل جهوداً للتوصّل الى «حلّ» يحول دون أي تصعيد”.
وأوضحت: “وفي هذا الإطار، أبدى الجانب الأميركي اهتماماً كبيراً بالتطورات على جانبي الحدود مع فلسطين المحتلة، حيث بدا لافتاً وصول المستشار الخاصّ للرئيس الأميركي عاموس هوكشتين إلى تلّ أبيب، أمس، في زيارة وُصفت بـ«السرّية»، حيث التقى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في حضور رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هانغبي، للبحث في عدد من المواضيع، من بينها التوتر بين إسرائيل وحزب الله، إضافة إلى مساعي التوصّل إلى اتفاق تطبيع علاقات بين إسرائيل والسعودية. ويعيد هذا المشهد إلى الذاكرة المسار التفاوضي الذي قاده هوكشتين في ملف الترسيم البحري جنوباً، وما أنتجه من «اتفاق» بوساطة أميركية ورعاية الأمم المتحدة عام 2022. وعلمت «الأخبار» أن «دولاً غربية أبلغت لبنان أن إسرائيل مستعدة للدخول في محادثات حول الترسيم البري رغم اعتراضها سابقاً، وحصر النقاش بالنقاط المتنازع عليها». ورغم أن لبنان لم يعترض، إلا أنه يعتبر أن النزاع البري يشمل مزارع شبعا وكفرشوبا والغجر، وبالتالي فإن «عدم حسم هذه النقاط لا يعني حسم النزاع، ولن تكون هناك مقايضة مع التأكيد على أن الترسيم البري ليس مرتبطاً بإزالة الخيم”.
وكشفت رزق أنه “في بيروت، أفادت مصادر دبلوماسية بأن «لبنان وصلته معطيات عن إمكانية أن يزور هوكشتين بيروت قريباً لاستكمال الجهود»، معتبرةً أن «الإدارة الأميركية ترى في هذا التطوّر فرصة لإنجاز الترسيم البري الذي تستعجله منذ انتهاء الترسيم البحري»، علماً أن مصادر رسمية لبنانية أكّدت أمس أنه «لم يحدث بعد أي تواصل رسميّ من قبل الأميركيين مع المسؤولين في لبنان في هذا الخصوص».
وأضافت: “وهنا، يجدر التذكير بالموقف اللبناني الذي اشترط تلازم مساري الترسيمين البرّي والبحري، رداً على محاولات العدو الإسرائيلي الدائمة فرض تعدّيات برّية كأمر واقع، وتثبيت نقاط حدودية، وبناء جدار عازل على طول الحدود قبل التراجع عنها في بعض المواقع. وفي هذا السياق، أكّد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال، عبدالله بو حبيب، أمس، أن «طرح الترسيم البري جنوباً جدّيٌّ»، مشيراً إلى أن الترسيم البرّي «هو الحلّ لمختلف الإشكالات على الحدود الجنوبية، وهو لا يعني تطبيعاً»، مضيفاً أن هنالك «13 نقطة خلافية على الحدود مع إسرائيل، 7 منها هناك اتفاق عليها، و6 تشكّل مادّة خلاف”.
وتابعت رزق: “كانت وزارة الخارجية أوعزت أمس إلى بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، بـ«تقديم شكوى إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، حول تكريس الجانب الإسرائيلي احتلاله الكامل، واستكمال ضمّ الجزء الشمالي اللبناني لبلدة الغجر الممتدّ على خراج بلدة الماري، ما يشكّل خرقاً فاضحاً وخطيراً، يُضاف إلى الخروقات الإسرائيلية اليومية والمستمرّة للسيادة اللبنانية وللقرار 1701 (2006)». وطلبت الوزارة «إدانة هذا الخرق المتعمّد للسيادة اللبنانية والانسحاب الفوري وغير المشروط من كلّ الأراضي اللبنانية المحتلة”.