رأت “الجمهورية” أن “الأكيد في هذا الجو الانقسامي الغالب عليه منطق التحدي، انّ هذه الفرصة ليس متوقعاً منها البحث عن تفاهمات مستحيلة بين مكونات الانقسام السياسي، تُفرِج عن رئاسة الجمهورية المقبوض عليها منذ ما يزيد عن سبعة أشهر، بل انّ أقصى المتوقّع منها هو إخضاع البلد لحماوة في الخطاب السياسي وغير السياسي، وضَبطه على إيقاع “بوانتاجات” تستبِق جلسة الانتخاب بمبالغات في تقدير نسَب الأصوات التي ينالها أيّ من المرشحين”.

وأشارت “الجمهورية” إلى أن “اللافت في هذا السياق، أنّ المعارضات استهَلّت معركة “البوانتاجات” بالترويج انّ “مرشح التقاطعات” جهاد أزعور قد باتِ ضامناً ما بين 65 و70 صوتاً فما فوق، ومن ضمنها أصوات نوّاب تكتل “لبنان القوي” جميعها وكذلك أصوات نوّاب “اللقاء الديموقراطي”، وهي نسبة تضمن له الفوز برئاسة الجمهورية في دورة الاقتراع الثانية من جلسة الانتخاب. ولكن هل انّ ترجمة هذه النسبة واردة في صندوقة الاقتراع؟ إحتمالات أضعفها الإنتخاب بعيداً عن “البوانتاجات” ولغة الأرقام ومبالغاتها، فإنّ مصادر سياسية تَحوط جلسة 14 حزيران بعلامة استفهام كبرى، ليس على انعقادها المحسوم سلفاً بنصاب يفوق ثلثي اعضاء المجلس النيابي، بل حول ما قد تنتهي إليه. وقالت هذه المصادر لـ”الجمهورية”: انّ انعقاد هذه الجلسة في هذه الاجواء الصدامية، وغياب الحدّ الادنى من التوافق بين المكونات السياسيّة على ضفّتَي الملف الرئاسي، يجعلها خاضعة لاحتمالات كثيرة، الأضعف فيها هو تَمَكّن مجلس النواب من انتخاب رئيس الجمهورية”.

وأضافت “الجمهورية”: “فالثابت حتى الآن، كما تقول المصادر السياسية عينها، هو تَوفّر نصاب انعقاد جلسة 14 حزيران وكذلك نصاب الانتخاب في دورة اقتراع أولى (86 نائباً فما فوق). والأكيد في هذا الإطار انّ أيّاً من المرشّحين لن ينال نسبة الفوز برئاسة الجمهورية، التي تشترط المادة 49 من الدستور أن ينال ثلثي اصوات النواب في الدورة الاولى، وهو الأمر الذي يوجِب الإنتقال إلى دورة اقتراع ثانية مع تخفيض نسبة الفوز إلى 65 صوتاً. إلّا أنّ هذه الدورة الثانية تبقى خاضعة لاحتمال ألّا تحصل بتطيير نصابها”.

أرقام غير دقيقة

وأشارت “الجمهورية” إلى أنه “بمعزل عما اذا كانت نسَب الاصوات، التي تسوّق لها المعارضات بأنها باتت تفوق الـ65 صوتاً، دقيقة او مُبالغاً فيها، فإنّ مصادر مطلعة على توجّهات الكتل النيابيّة تعتبر “انّ ايّ احتساب لأي ارقام قبل ان تحسم النتيجة في صندوقة الاقتراع، هو احتساب وهمي وغير واقعي. فعلى اي أساس احتسبت اصوات تكتل “لبنان القوي”، هل احتسبت بكونها ستصب كلّها لمصلحة ازعور ام ان بعض اعضاء التكتل سيغرّد خارج هذا السرب ويَنحو خارج هذه الصبّة، والتصويت لخيار ثالث غير فرنجية وازعور؟ وايضاً على أي أساس احتسبت اصوات نواب “اللقاء الديموقراطي” قبل ان يحسم اللقاء موقفه النهائي من انتخاب ازعور؟ علماً انّ أجواءً داخل الحزب التقدمي الاشتراكي تؤكد ان رئيسه وليد جنبلاط يرفض السير بأي مرشح يشكل تحدياً لأحد، وكذلك يرفض ان يكون شريكا في اي خطوة من شأنها أن تعود بالخراب على البلد”.

وتابعت: “وتلفت المصادر الى انها لا تنفي او تجزم باحتمال أن يلجأ “اللقاء الديموقراطي” الى التصويت بورقة بيضاء، وقالت: “هذا الاحتمال يبقى وارداً، وقد أُبلِغ به قبل فترة الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وما يعزز ذلك هو ان الاجواء السائدة على الخط الرئاسي يغلب عليها منطق التحدي والمواجهة، لا تشي بتوجّه اكيد الى انتخاب رئيس للجمهورية، برغم اعلان المعارضات تقاطعها على ترشيح ازعور، بل انّ التوجه الغالب هو لقطع الطريق على سليمان فرنجية، وجنبلاط الذي سبق وأعلن انّه يرفض ان يكون في موقع التحدي لأحد، وهو وكما ملّ وقرف من مسرحية انتخاب معوض ومسلسل الفشل التي اعتراها، وأخرَجَ نفسه منها في نهاية الامر، طبيعي جداً أن لا يكرّر تلك التجربة ويشارك في اي مسرحيات جديدة تنتج توترات ولا تنتج رئيساً”.

ولفتت “إلى أنه “على انّ ما ينبغي لَحظه في هذا السياق، هو المواقف الصادرة عن بعض نواب “اللقاء الديموقراطي”، والتي تلقي مزيداً من الضبابية على موقفه. وفيما بات معلوماً انّ الرئيس بري سَبقَ له أن تبلّغ من الحزب التقدمي الاشتراكي انّ “اللقاء الديموقراطي” سيعتمد التصويت الابيض، فإن مواقف بعض نواب اللقاء تُغَلّب من جهة منطق التفاهم وتقدّمه على منطق التحدي والمواجهة، الا انهم في الوقت نفسه يقاربون ترشيح ازعور ايجاباً، بِوَصفه خياراً سبق لرئيس الحزب ان طرحه، ولا يشكل تحدياً لأي طرف وخصوصا للثنائي الشيعي، وعلى ما قال النائب وائل ابو فاعور انّ ازعور “ليس شخصية صدامية ولا مبرر لنا الا ننتخبه بعدما رشّحناه”.

المعارضة: تأمين النّصاب

وأضافت “الجمهورية”: “في هذا الاطار، أكدت مصادر في المعارضة لـ”الجمهورية” ان “كل اطراف المعارضة التي تقاطعت على دعم الوزير ازعور، ملتزمة بتأمين نصاب انعقاد جلسة 14 حزيران، وكذلك نصاب الانتخاب سواء في دورة الاقتراع الاولى او في الدورة التي ستليها، فنحن على يقين مِن نَيل الوزير ازعور اكثرية الفوز في هذه الانتخابات.

ولفتت المصادر الى انّ اطراف المعارضة لا تلغي من حسبانها لجوء ثنائي حركة “امل” و”حزب الله” وحلفائهما إلى تطيير النّصاب على نحو ما جرى في الجلسات التي انعقدت في مرحلة ترشيح النائب ميشال معوّض، ويؤكّد بذلك مضيّه في مسار تخريب البلد وتعطيل انتخاب رئيس، وإخضاع لبنان لمشيئته بفرض رئيس للجمهورية من فريقه السياسي. وهو بهذا المنحى التعطيلي والتخريبي يَرتكِب حماقة جديدة، يتحدّى من خلالها إرادة الشريحة الواسعة من اللبنانيين، وكذلك الارادة الدوليّة بالتعجيل بانتخاب رئيس الجمهورية”.

“الثنائي”: أوراق مستورة

وكشفت الصحيفة: “إلّا أنّ مصدراً مسؤولاً في “الثنائي”، أبلغَ الى “الجمهورية” قوله: “انّ الحركة والحزب ومعهما الحلفاء، ثابتون على دعم الوزير سليمان فرنجية، وليسوا في وارد أن يتأثّروا بالعراضات، أو أن يؤخَذوا الى المكان الذي تسعى “معارضات التقاطعات” أخذهم اليه”.

مشاركة.

التعليقات مغلقة.