كشفت “الجمهورية” أن “القراءة البرتقاليّة للمواجهة القائمة، تقاربها بوصفها “معركة وجود” يخوضها “التيار الوطني الحر” مع ما يسمّيها “منظومة التعطيل وخرق الدستور وانتهاك الميثاق وكسر الشراكة”، التي تبدّت بشكل فاضح في “التحالف الرباعي الجديد” الذي يسعى إلى تثبيت وقائع جديدة، متجاوزاً موقع ودور ومكانة رئيس الجمهورية، ورئيس التيار النائب جبران باسيل اكّد أن “لا عودة إلى الوراء، ولن نخضع لهذه المنظومة بأي شكل من الاشكال”.

وأوضحت: “تؤكّد القراءة البرتقالية، “انّ ما حصل لناحية محاولة تكريس خرق للدستور بإلغاء رئاسة الجمهورية ومصادرة قرارها وصلاحياتها، بعقد جلسات غير دستورية لحكومة غير موجودة، يثبت التيار في الموقع الاول للتصدّي لهذا المنحى مهما كلّف الامر، ومن هنا، فإنّه لا مكان على الإطلاق لمجاملة احد اياً كان، امام الخطيئة التي يمعنون في ارتكابها بحق لبنان. والرسالة التي اطلقها النائب باسيل شديدة الوضوح لناحية ان يتحمّل كل طرف مسؤولياته لأنّه “ما بيمشي الحال هيك”.
وأضافت “الجمهورية”: “اللافت في القراءة البرتقالية التصويب المباشر على “حزب الله”، من دون أن تقفل الباب نهائياً امام من سمّتهم “الصّادقين من الشركاء”، ملقية الكرة في ايديهم للمبادرة إلى تصويب الخطأ، بما يجعل من التأزّم الحاصل، فرصة جديدة للإنقاذ بالتفاهم مع الجميع”.
وتلفت القراءة البرتقالية “انّ الغاية المعلنة وغير المعلنة لتلك المنظومة، تتلخص بهدف وحيد وهو اختطاف رئاسة الجمهورية، وفرض انتخاب مرشّحهم على البيئة المسيحية، وتبعاً لذلك، فهذا الامر مرفوض، والتيار لا يقبل بهذا المسار المدمّر، كما لا يقبل بمنطق الاستفزاز والابتزاز الذي يُمارس جهاراً على التيار لحمله على تغيير قناعاته ومسلّماته، فهذا منطق عقيم لن يجنوا منه سوى الخيبة، ذلك انّ التيار يشكّل المعبر الإلزامي لانتخاب رئيس الجمهورية، ولن يتمكنوا من تجاوزه او املاء إرادتهم عليه”.
وتصل القراءة البرتقالية إلى خلاصة ساخرة من بعض الاصوات التي باتت تعتبر انّ “التيار الوطني الحر” ورئيسه النائب باسيل، لن تقوم لهما قائمة بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وتقول: “هذا منطق الإلغائيين، يجعلنا اكثر تصلباً وتصميماً وثباتاً مع جمهورنا الواسع، فلن يستطيع احد ان يلوي ذراعنا، او ان “يزحزحنا” عن ثوابتنا وموقعنا كرقم صعب وفاعل في قلب المعادلة السياسية الداخلية”.
لا ردود
ورأت “الجمهورية” “انّ اللافت للانتباه في مقابل الهجوم البرتقالي، يبدو انّ قرار الجهات المستهدفة بالهجوم هو عدم النزول إلى حلبة السجال مع “التيار الوطني الحر” ورئيسه. فالرئيس ميقاتي يتجنّب الردّ المباشر على ما طاله من هجوم سياسي وتجريح شخصي، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري يبدو وكأنّه أدار الأذن الطرشاء للمنطق الانفعالي، فيما “حزب الله” وعلى رغم الامتعاض الذي لا تخفيه اوساط قريبة منه من “الافتراء” عليه، آثر الصمت حيال ما طاله من شريكه في تفاهم مار مخايل، تاركاً الكلام المباح ليُقال عبر قنوات الإتصال واللقاءات المباشرة. وأُفيد في هذا السياق، بأنّ ابواب التواصل بدأت تطرق بين الجانبين”.
قراءة الخصوم
وتابعت “الجمهورية”: “الّا انّ لمن أدرجهم التيار ورئيسه في جبهة الخصوم، قراءة مختلفة لا تعطي التيّار ورئيسه أفضلية ان يبقى في موقع الهجوم في هذه المواجهة، وخصوصاً انّ الجهة المقابلة له أوسع من أن يستطيع ان يجاريها، كونها تمتلك بدورها ما قد يجعله يعود الى التموضع سريعاً في موقع الدفاع. فضلاً عن انّه في مكان آخر، يقف على حافة مواجهة مفتوحة مع خصومه التقليديين وفي مقدّمهم “القوات اللبنانية” وحلفاؤها في المقلب السيادي والتغييري. وكذلك مع الحزب “التقدمي الاشتراكي” ووليد جنبلاط. ولا يخرج من هذه المواجهة ايضاً، الرئيس سعد الحريري، الذي وإن كان قد انكفأ شخصياً عن الحياة السياسية، إلّا أنّ جمهوره ما زال في قلب المواجهة بمفعول رجعي يمتد إلى العلاقة النارية التي احتدمت بين الطرفين بعد انتفاضة 17 تشرين.
وأوضحت: “تعتبر قراءة الخصوم “انّ باسيل كبّر الحجر كثيراً، حيث انّه بعد انتهاء فترة العسل التي امضاها خلال الولاية الرئاسية البرتقالية، ممتلكاً قدرة التحكّم والقرار خلالها، فَقَدَ كل تلك الامتيازات، ودخل في صراع مرير للبقاء على قيد الحياة السياسية، مثقلاً بخلافات واشتباكات سياسية مع جبهة واسعة من الخصوم، وبهبوط مريع عن عرش التمثيل المسيحي إلى رتبة شريك في هذا التمثيل، ولكن ضمن حدود محصورة، إلى جانب قوى مسيحية اساسية صار لها حضور فاعل، نمّته إخفاقات التيار وسياساته الالغائية لكل هؤلاء. وأمام هذا الواقع لم يعد يملك سوى سلاح التصعيد، اعتقاداً منه انّ بذلك يتمكن من تحصين ذاته وتأمين مقومات استمراره رقماً فاعلاً في المشهد السياسي”.
وتصل قراءة الخصوم إلى خلاصة مفادها، انّ باسيل يقود معركة خاسرة، محاولاً من خلالها ان يحقق القدر الأعلى من المكاسب والمعنويات السياسية على الحلبة الرئاسية، فيما هو في الواقع أسقط نفسه في المأزق، وهو يدرك في الوقت نفسه انّه يستحيل على ايّ من الأطراف السياسيّة أن يتبرّع بالترياق لفريق سمّم البلد، وسمّم علاقاته بالجميع، ونزّه نفسه وشيطن كلّ الآخرين، وسلوكه انتقامي من الجميع، بحيث لم يترك للصلح مطرحاً مع أحد، حتى مع اقرب حلفائه”.