كتبت “الجمهورية”: “قالت مصادر سياسية مطلعة انّ مصير جلسة حكومة تصريف الأعمال المقرّرة اليوم في السرايا الحكومية يتوقف على نتائج المفاوضات التي تمّت ليلاً لاستمالة وزير او اكثر من «مجموعة التسعة» التي كانت قد أعلنت في بيان لها عن مقاطعتها اجتماع اليوم، فإذا نجحت الاتصالات يتأمّن نصاب مجلس الوزراء وينعقد «على الحافة»، وإذا لم تنجح ينفرط عقد الجلسة. ولفتت الى انّ من تولّى طبخ مشروع الجلسة الطارئة ارتكب على ما يبدو خطأ في التقديرات، بحيث لم يضع في الحسبان احتمال ان يتوافق الوزراء التسعة المحسوبين على الرئيس السابق ميشال عون وتكتل «لبنان القوي» حول رفض المشاركة.
وأشارت المصادر، إلى أنّه كان هناك افتراض لدى مدققي الحسابات الحكومية بأنّ بعض هؤلاء الوزراء او أحدهم على الاقل، لن يماشي خيار المقاطعة، فإذا ببيان التسعة يعاكس هذا التوقع ويباغت المتحمسين للجلسة، ما استوجب محاولة استدراك متأخّرة لإعادة ترميم النصاب”.

طار النصاب أم لا؟
ولفتت “الجمهورية” إلى أنه “في الوقت الذي أوحى فيه بيان الوزراء التسعة الذين أعلنوا مقاطعتهم لجلسة مجلس الوزراء اليوم قد طيّر الجلسة لفقدان الثلث زائداً واحداً من أعضائها الـ 24، أصرّ فريق رئيس حكومة تصريف الأعمال على اعتبار انّ الجلسة ما زالت في موعدها، وانّ الاتصالات الجارية لم تنته إلى موقف صارم للوزراء التسعة، وانّ على كل وزير ان يتحمّل مسؤولياته تجاه قضايا الناس”.
وأضافت: “قالت المصادر، إنّ الاتصالات التي سبقت صدور البيان باسم الوزراء التسعة لم تكن تتحدث عن مقاطعة على ما يزيد على اربعة وزراء، وهم وليد فياض وهنري خوري وموريس سليم، بمعزل عن وجود وزير الخارجية عبدالله بو حبيب في روما حتى ساعة متأخّرة من ليل أمس. وعليه، لم يتبلّغ رئيس الحكومة بأي جديد يخرج عن هذه المعادلة”.
ما قبل البيان
وأوضحت “الجمهورية” أنه “عشية الجلسة، قالت مصادر في «التيار الوطني الحر» لـ «الجمهورية»، انّ هناك قراءة دستورية وقانونية تحول دون التجاوب مع دعوة رئيس الحكومة إلى جلسة اليوم. واتهمت المصادر ميقاتي بـ»التخبّط ومخالفة الدستور في اكثر من خطوة، بعدما أجرى تعديلات على جدول اعمال الجلسة ثلاث مرات في اقل من أيام معدودة». وقالت: «يزداد تخبّط رئيس حكومة تصريف الأعمال مع كل خطوة يُقدم عليها، ومعها يزداد التوتر الذي بات سمة حاكِمة لديه». واضافت: «لم يتردّد ميقاتي في القول انّ الجدول الأول كان يشمل 318 بنداً، ثم خُفّضت بنود الجدول الثاني الى 64 بعد اعتراض قوى سياسية، منها من هو قريب منه لم يحتمل فضيحة البنود الفضفاضة التي تفتقد بغالبيتها العظمى صفة الطارئ والعاجل. واحتوى الثالث على 25 بنداً، جلّها بنود لا تمسّ حياة اللبنانيين خلافاً لمزاعم ميقاتي وفريقه”.
وتابعت: “انتهت المصادر إلى التأكيد «انّ الجدول الاخير جرى توزيعه ليل السبت بما يخالف مهلة الـ48 ساعة الواجبة على رئاسة مجلس الوزراء إبلاغ الوزراء بمواضيع البحث. بذلك يكون ميقاتي قد زاد على انتهاكاته الكثيرة للدستور، انتهاكاً جديداً، عبر مخالفة المرسوم الرقم 2552 – تنظيم أعمال مجلس الوزراء، لا سيما المادة 4 التي تنصّ على: «يضع رئيس مجلس الوزراء جدول الاعمال وفق الأصول المحدّدة في الدستور ويطلع رئيس الجمهورية مسبقاً على المواضيع التي تتضمنها وعلى المواضيع الطارئة التي ستُبحث وتُرسل نسخ عنه إلى رئاسة الجمهورية وإلى جميع الوزراء، وذلك قبل أسبوع على الأقل لتاريخ مناقشتها بالنسبة لمشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية”.
كما يقتضي ان تُرفق بمشاريع القوانين جداول مقارنة تبيّن النص الحالي والنص المقترح والأسباب الموجبة الداعية للتعديل. غير أنّه يمكن بعد موافقة مجلس الوزراء مناقشة مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية في الجلسة من دون التقيّد بمهلة الاسبوع المذكورة، قبل يومين على الاقل لمناقشتها لسائر المواضيع».
وختمت المصادر: «انّ ميقاتي خالف الاتفاق الذي انتهت إليه جلسة مناقشة رسالة رئيس الجمهورية بعد مغادرته قصر بعبدا بثلاثة ايام، والذي «وضع شرطين لازمين لأي انعقاد للحكومة الميتة دستورياً: الضرورة القصوى وتوافق الجميع». وهو ما افتقدته دعوته، لعدم وجود أي ضرورة في بنود جدول الأعمال وفقدان الإجماع المطلوب على عقدها”.
القوى المعارضة
وكشفت “الجمهورية”: “تساءلت أوساط معارضة عبر «الجمهورية»، عن خلفيات هذه الدعوة الى مجلس الوزراء «التي يعرف أصحابها سلفاً انّ وزراء «التيار الوطني الحر» سيقاطعونها، وانّ القوى المسيحية المعارضة سترفضها من منطلق انّ الأولوية هي لانتخاب رئيس للجمهورية وليس لممارسة تنفيذية وتشريعية توحي انّ عجلة الدولة تسير بنحو طبيعي من دون رئيسها».
وقالت هذه المصادر: «انّ إعادة تعديل ميقاتي لجدول الأعمال دليل الى انّه كان يحاول إمرار الجلسة مع بنود عادية، وعندما اصطدم بمعارضة لهذه الجلسة عدّل في جدول أعمالها، الأمر الذي كان في استطاعته تلافيه منذ اللحظة الأولى، ومن الخطأ مقاربة الانقسام الذي أحدثته الدعوة إن من زاوية طائفية، أو من زاوية الخلاف بين ميقاتي و»التيار الوطني الحر»، فيما الإشكالية الحقيقية والفعلية مبدئية وتتعلّق بانتظام عمل الدولة بنحو طبيعي وكأنّ لا شغور رئاسياً، وهذا السلوك يطيل أمد هذا الشغور».