كتبت “الجمهورية”: “كشفت مصادر موثوقة لـ»الجمهورية» ربطاً بتلك المعطيات والاشارات، «أن لا أحد من بين أصدقاء لبنان وأشقائه قابِل بأن تطول فترة الفراغ في رئاسة الجمهوريّة، وبعض السفراء تحدثوا صراحة عن مخاوف حقيقية على لبنان حاضرا ومستقبلا، ما يوجب تداركها مسبقا بالتعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
وفتت إلى أن “مردّ المخاوف، كما تقول المصادر، هو الوضع الهش للبنان، ولا أحد يملك أن يقدّر ما قد يواكب الفراغ القائم من احتمالات وسلبيات، خصوصا انه يتزامن، وواقع حكومي يعاني الخلل والضعف، ومع ظروف يشهدها لبنان في هذه الفترة، أشد دقة وصعوبة من الظروف التي كانت سائدة في فترات الفراغ السابقة، حيث أن لبنان لم يكن قد سقط، كما هو اليوم، في ازمة بلغت في انهيارها حدا خطيرا جداً”.
تعطيل متبادل
وأوضحت “الجمهورية” أنه “بحسب المصادر عينها، فإنّ التشخيص الديبلوماسي للأزمة الرئاسية بات متيقنا من انسداد الافق اللبناني، وما يدور في الاروقة الديبلوماسية يعكس حقيقة انّ البعثات باتت لا تعير اهتماما لجلسات الانتخاب الفاشلة التي أخرجت من اطار المتابعة الجدية لمجرياتها المكرّرة لفشل تلو الآخر في انتخاب رئيس للجمهورية، وتؤكد في كل جلسة عمق الفوارق الفاصلة ما بين الاطراف اللبنانيين، التي انحدرت بلبنان الى واقع شديد التعقيد يأسره، ويبعث على الخوف من ان يفتح الآفاق اللبنانية على تداعيات شاملة”.
وأضافت: “تلفت المصادر الى ان هذا التشخيص، بما فيه من مخاوف، أخذ حيّزاً مهمّاً في نقاش حول تطورات الملف الرئاسي، حصل أخيرا بين سفير دولة اوروبية معنية بالشأن اللبناني، ومسؤول كبير، عبّر خلاله السفير المذكور اكثر من مرة عن انّ وضع لبنان دقيق جدا ومقلق، ويفاقم هذا القلق استغراق الاطراف اللبنانيين في ما سمّاها السفير «لعبة تعطيل متبادل لانتخاب رئيس لبنان، وليس تسهيلا متبادلا». وقال ما حرفيته: «أولوية المجتمع الدولي أن يرى رئيس لبنان وقد انتخب بصورة عاجلة، ولكننا في هذا الوضع الصادم، بتنا ننظر الى الأزمة الرئاسية في بلدكم، من باب استحالة توصّل اللبنانيين الى حلّ توافقي لهذه الازمة”.
ووفق المصادر انه في موازاة مصارحة المسؤول الكبير للسفير الاوروبي بتأكيده على «استحالة التوافق الداخلي على حل رئاسي، خصوصا ان الاطراف جميعها لا تثق ببعضها البعض، وأكاد اقول إنّها كامنة لبعضها البعض، وغلّبت حساباتها ورهاناتها على كل جهد يرمي الى التوافق، الذي من دونه نخشى ان ينزلق لبنان الى دوامة الفوضى»، سارعَ السفير المذكور الى القول «ان اصدقاء لبنان لن يتركوه يسقط. وهذا الأمر بالتأكيد يتطلب جهدا وعملا حثيثا». واكتفت المصادر بهذا القدر من الكلام، من دون أن تحدد ماهية الجهد والعمل الحثيث الذي اشار اليه السفير الاوروبي.
وقد استفسرت «الجمهورية» من مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية عما اذا كان خلف الاكمة الديبلوماسية الخارجية ما يجري تحضيره للبنان لمساعدته في انتخاب رئيس للجمهورية، فأكدت وجود توجّه جدي لدى بعض الدول لإطلاق جهود مشتركة فيما بينها، لإنضاج تحرّك عاجل حيال الملف الرئاسي في لبنان يسرّع في انتخاب رئيس للجمهورية، وجزمت انه لن ينطلق قبل نهاية السنة.
واوضحت المصادر الديبلوماسية، ردا على سؤال «أنّ هذا التحرّك مؤيد بالتأكيد من المجتمع الدولي»، مرجّحة أن تتصدره فرنسا والولايات المتحدة الأميركية ولن تكون السعوديّة في منأى عنه، لا سيما انها معنيّة بانفراج الوضع في لبنان، وهو ما اكّد عليه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للرئيس ايمانويل ماكرون». لافتة الانتباه في هذا السياق الى أن الرئيس ماكرون يولي بدوره اهمية استثنائية للملف اللبناني، والتزم بأولوية إعادة استنهاض لبنان، وأدرَجه في صدارة اهتمامات ومتابعات الإيليزيه، وبندا حاضرا دائما في جدول محادثاته في كل المحافل الدولية”.