كتبت “الجمهورية”: “هذه الصورة القاتمة ماثلة أمام رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، الذي أبلغ الى «الجمهورية» قوله: «قلت واكرّر، استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية، لا يحتمل اسابيع قليلة جداً، فلا يتحدثنّ احد عن أشهر على غرار ما حصل في فترة الفراغ السابقة (سنتان ونصف بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان)، فوضع لبنان في هذه المرحلة ليس كما كان عليه آنذاك، بل هو بالويل».
ولفت الرئيس بري إلى «انّ «التوافق» هو المعبر الإلزامي إلى انتخاب رئيس الجمهورية، ودون هذا التوافق، ستستمر دوامة الفراغ، والبلد سيدفع الثمن».
ورأت “الجمهورية” أنه “كما هو معلوم، فإنّ الرئيس بري، كان ماضياً بكل حماسة واندفاع لإطلاق مبادرته الحوارية بين الكتل النيابية، ولكنه بعد استمزاج الآراء، قابله تعثر وشروط تعجيزية، ووصل إلى قناعة مفادها «انا لا استطيع ان احاور نفسي». وتبعاً لذلك علّق مبادرته الحوارية بعدما رفضت «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» فكرة الحوار، كلٌ منهما لأسبابه واعتباراته المتناقضة والمتضاربة مع الآخر، رمى كرة المسؤولية في ملعب الجميع، وفي مقدّمهم من يفترض انّهم معنيّون طائفياً بالاستحقاق الرئاسي”.
وتابعت: “الّا انّ الرئيس بري، وكما يؤكّد لـ«الجمهورية»، يلفت الى انّ تعليقه مبادرته الحوارية، لا يعني انّه سيبقى مكتوف اليدين أمام مراوحة الاستحقاق الرئاسي على ما هو عليه في هذه الفترة، في حلقة التعقيد والتعطيل وأسره في دائرة فراغ كلفتها باهظة على لبنان، بل انّه أعطى ما يمكن وصفها بفسحة زمنية سقفها الأقصى آخر السنة، فإنْ أمكن بلوغ التوافق على رئيس للجمهورية خلالها، فذلك يكون خيراً ومصلحة للبنان، وإنْ بقي الوضع في دائرة الفراغ فسيعود بالتأكيد إلى التقاط زمام المبادرة من جديد ووضع الجميع امام مسؤولياتهم التي توجب الشراكة الصادقة في تحصين لبنان وإخراجه من هذا النفق”.
ورداً على سؤال، لا يقلّل الرئيس بري من حجم الأزمة والتعقيدات القائمة، ورغم الصورة القاتمة فهو لا يعبّر عن تشاؤم كلّي على ما ذهب اليه آخرون، بل يُبقي على شيء من التفاؤل الحذر، ذلك انّه رغم كل هذا الانسداد لا يزال يرى ضوءًا في آخر النفق، جوهره انّ الجميع محكومون في نهاية المطاف بسلوك الطريق نحو الانفراج”.
مرونة .. وإلّا خراب؟
ورأت “الجمهورية” “انّ اللافت في هذا السياق، ما تكشفه شخصية وسطيّة بارزة لـ«الجمهورية»، عن معطيات متوفرة لديها تؤكّد انّ أمد الشغور في سدّة الرئاسة الاولى لن يكون طويلاً. مشيرة إلى حركة اتصالات ما زالت خجولة حاليًا، لبلورة افكار ترمي إلى أنضاج تسوية سياسية.
وردًا على سؤال قالت: «أي عاقل يرفض استمرار حفلة الجنون القائمة، وأي رهان على إنهاء هذه الأزمة بمعزل عن حوار ونقاش جاد ومسؤول هو ضرب من الغباء، والرئيس بري من البداية حدّد المسار الطبيعي والموضوعي لإنهاء الأزمة الرئاسية، فكل الامور تُحلّ بالحوار المسؤول، ولكن المستغرب هو ان يأتي من يعطّل هذا المسار، من دون ان يملك بديلاً منه، سوى انّه يقارب هذه الأزمة بمنطق عبثي يطوّق انتخاب الرئيس بسجال عقيم”.
وأوضحت: “حول الجلسات النيابية الفاشلة في انتخاب رئيس، قال: «إنّ انعقاد المجلس النيابي في جلسات انتخابية بمعزل عن نتائجها، هو إجراء قانوني ودستوري ويندرج في صميم اللعبة الديموقراطية، واما فشلها في انتخاب رئيس فهو فشل طبيعي ومتوقع، طالما انّ التوافق معدوم. ثم انّ الدعوات التي تقول بأن يعقد المجلس جلسات متتالية ومفتوحة حتى انتخاب رئيس، فلا معنى لها في غياب الحدّ الأدنى من التوافق، ولذلك نحن نحث ونتبنّى كل دعوة إلى حوار يؤدي الى توافق، وما زلنا نراهن على حنكة وحكمة الرئيس نبيه بري في هذا المجال”.
وقيل للشخصية الوسطية المذكورة إنكم تدعون إلى التوافق، فيما نوابكم في المجلس صوّتوا للنائب ميشال معوض المصنّف من قِبل مرشِّحيه بأنّه مرشح سيادي، فيما يصنّفه آخرون بمرشح تحدٍ، فقالت: «لقد صوّتنا لميشال معوض كتسجيل موقف لا أكثر، مع علمنا اليقيني بصعوبة فوزه. ونحن ماضون في هذا الموقف في الوقت الراهن، الّا انّ موقفنا النهائي سيتحدّد بالتأكيد تبعًا للظروف القادمة سواء أكانت تتجّه نحو تسوية توافقية او في اتجاه آخر”.
وأضافت “الجمهورية”: “خلصت الشخصية إلى القول: «أبلغني بعض الخبراء بأنّ الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان بات مخيفًا جدًا، والسقوط بات يسابق الوقت، وبالتالي فإنّ اللعب بالوقت بمثابة لعب بالنار. وتبعًا لذلك، اؤكّد انّ لبنان حاليًا يقف على مفترق خطير جدًا بين طريقين لا ثالث لهما، فإما أن تعتمد المرونة السياسية التي تسمح بإعادة انتظام البلد والنهوض به ولو بالحدّ الأدنى من المقومات، وإما الخراب».