أشارت 'الجمهورية' في عددها لليوم الخميس إلى أنه 'على الرغم من الارتياح الذي يبديه الجانب الحكومي حيال الإفراج عن الحكومة وإعطائها تأشيرة العودة إلى استئناف جلسات مجلس الوزراء، الّا انّ هذا الإرتياح باعتراف مصادر حكومية لـ'الجمهورية' لا يرقى الى التفاؤل الجدّي في إمكان سلوك مسار الانفراجات السريعة، في ظل التعقيدات المتشابكة المتراكمة على خط الأزمة قبل وخلال الاشهر الثلاثة التي تعطّلت فيها الحكومة. حيث اكّدت هذه المصادر عدم الإفراط في التوقّعات، فمسار العلاج طويل، والحكومة تبذل جهدها، وتقوم بالمقدور عليه بما يؤسّس للانفراج الموعود'.
وأوضحت: 'قالت المصادر: إنّ من الخطأ تحميل الحكومة وزر التقصير في إنجاز مهمتها، فالتعطيل قيّدها لمدة ثلاثة أشهر، فضلاً عن انّ الأزمة التي تقاربها مزمنة وتشعباتها شديدة التعقيد، وليست وليدة الساعة لتكون المعالجات فورية وبسحر ساحر، ورئيس الحكومة قال من البداية انّه سيعمل بكل جهد لكنه لا يملك عصا سحرية، ما يعني تبعاً لذلك، انّ المعالجات تتطلب صبراً ونفساً طويلاً. وقبل كلّ ذلك، فإنّ الشرط الأساس لولوج مدار العلاجات، توفّر الإرادة الجدّية لدى جميع المكوّنات السياسية، والانحراف عن منطق الأنانيات والمكايدات العبثية'.
لا شروط على جدول الأعمال؟
ولفتت 'الجمهورية' إلى أنّ العمل الحكومي، كما تقول مصادر حكوميّة لـ'الجمهورية'، يُفترض أن يستأنف مساره اعتباراً من الاسبوع المقبل، من النقطة التي توقّفت عندها الحكومة في آخر جلسة عقدها مجلس الوزراء في 12 تشرين الأول من العام الماضي، أي من نقطة البداية تقريباً، علماً انّ مشروع الموازنة العامة للسنة الحالية قد بات في حكم البند الأساس في جدول اعمال الحكومة، وسط مؤشرات تفيد بأنّ وزارة المالية قد شارفت على إنجازه، ليحال الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة'.
وأضافت: 'إذ أكّدت المصادر الحكوميّة أنّ جدول العمل الحكومي في مرحلة ما بعد قرار حركة 'امل' و'حزب الله' بعودة وزرائهما الى المشاركة في جلسات الحكومة، ليس مقيّداً بأيّ شروط، خلافاً للمواقف التي ذهبت في اتجاه تفسير ما ورد في بيان 'الثنائي' على أنّه تقييد للحكومة بجدول أعمال محدّد. وبالتالي، فهو مفتوح بلا أي قيود. وقد أشار إلى ذلك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد لقائه الأخير برئيس الجمهورية العماد ميشال عون بقوله، انّ جلسة مجلس الوزراء التي قال انّه سيدعو اليها الأسبوع المقبل تتضمن الموازنة، والمواضيع الحياتية الملحّة. ومعلوم في هذا السياق، حساسية الرئيس ميقاتي حيال صلاحيات رئيس الحكومة المنصوص عليها في المادة 64 من الدستور، والتي تحصر فيه وحده صلاحية الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء، وكذلك تمنحه وحده صلاحية إعداد جدول أعماله وإطلاع رئيس الجمهورية مسبقاً على المواضيع التي يتضمنّها وعلى المواضيع الطارئة التي ستُبحث'.
صمت رئاسي
وكشفت 'الجمهورية' أنه 'في السياق ذاته، لوحظت برودة رئاسيّة حيال قرار 'أمل' و'حزب الله' بإعادة وزرائهما الى المشاركة في جلسات الحكومة، حيث انّ القصر الجمهوري تجنّب إبداء أيّ موقف، مع انّ رئيس الجمهورية كان من أكثر الداعين وبشكل شبه يومي الى وقف التعطيل وعودة الحكومة الى الانعقاد.
ورجحت مصادر سياسية واسعة الإطلاع لـ'الجمهوريّة'، انّ الصّمت الرئاسي قد يكون تعبيراً عن امتعاض من مضمون بيان 'الثنائي'، الذي قد يكون فُهم على أنّه انطوى على تحديد مسبق لجدول اعمال الحكومة، متجاوزاً في ذلك صلاحيات رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية. وهو ما اشار اليه رئيس 'التيار الوطني الحر' النائب جبران باسيل قبل أيام، بدفاعه عن صلاحيات رئيس الحكوم'..
وتابعت: 'تحدثت المصادر عينها عمّا سمّته تحفظّاً رئاسياً على موقف رئيس الحكومة الذي سارع الى الترحيب ببيان 'الثنائي'، من دون ان يبادر الى دعوة مجلس الوزراء الى جلسة سريعة، وخصوصاً انّ عشرات البنود الملحّة تتطلب مقاربتها والبت فيها بصورة عاجلة، بل انّه ربط دعوته لانعقاد الحكومة بتسلّمه مشروع الموازنة، وذلك في خطوة بدت وكأنّها تنطوي على استجابة لموقف الثنائي. وهو الأمر الذي لم يكن صداه مريحاً'.
مفاوضات 'الصندوق' مؤجلة
وأشارت 'الجمهورية' إلى أنه 'من جهة ثانية، وفيما يُنتظر ان تسلك الموازنة العامة طريقها الى الحكومة في الساعات المقبلة، أوضحت مصادر معنيّة بالتحضيرات للمفاوضات مع صندوق النقد الدولي لـ'الجمهورية'، انّ هذه المفاوضات باتت مؤجّلة ربما إلى ما بعد شباط المقبل، وخصوصاً انّ الجانب اللبناني لم ينجز بعد أوراقه التفاوضية'.
وأوضحت: 'لفتت المصادر، الى إنّه على الرغم مما يُقال عن انّ توافقاً قد تمّ بين وزارة المال ومصرف لبنان على تحديد أرقام الخسائر لتصل الى نحو 70 مليار دولار، الّا انّ العائق الأساس لدى الجانب اللبناني يكمن في عدم الاتفاق حتى الآن على مسألة توزيع هذه الخسائر، إضافة الى الجانب السياسي وما يُحكى عن تحفظات تضعها بعض الأطراف، ولاسيما حيال تحديد مصير ودائع اللبنانيين، وهل سيتمّ المسّ بها أم ستُعاد إلى أصحابها. وكذلك ما يُحكى عن شروط تضعها أطراف أخرى ومن بينها 'حزب الله'، الذي يخشى من ان يقترن برنامج التعاون مع صندوق النقد الدولي بشروط سياسيّة تمس السيادة الوطنية'.
وأضافت 'الجمهورية': 'تبعاً لذلك، اعتبرت مصادر مالية من بلوغ اتفاق على برنامج تعاون بين لبنان وصندوق النقد الدولي يشكّل محطّة تفتح أمام لبنان آفاقاً دوليّة واسعة لمدّ يد المساعدة اليه، الّا انّه وحالة لبنان الراهنة، بالتخبّط السائد على خط إعداد خطة التعافي، وتجميع اوراق التفاوض مع الصندوق، يُخشى ان يكون الأمل ضعيفاً في بلوغ اتفاق مع الصندوق في المدى المنظور'.