كتب الزميل علي زين الدين في عدد اليوم الثلثاء في 'الشرق الأوسط': 'تتبدل التوقعات بصورة مثيرة في الأوساط الاقتصادية والمالية في لبنان، تبعا للمستجدات المفاجئة والمتلاحقة التي بدأت بتحول في مسار المعاملات النقدية لصالح الليرة، بالإضافة إلى دعم صريح لخيارات البنك المركزي من قبل رئاستي مجلس النواب والحكومة، وعودة عمل مجلس الوزراء بعد توقف لنحو ثلاثة أشهر.
وأوضح: 'لاحظت مصادر مالية ومصرفية مواكبة ورود إشارات دولية متعددة المصادر يؤمل انضاجها تباعا، بحيث يمكن أن تشكل، بتضافرها مع المستجدات المحلية، فرصة كبيرة واستثنائية لوضع لبنان على مسار كبح مسلسل الانهيارات المتوالي من دون هوادة على مدار 27 شهرا، ومن ثم حشد التوافق الداخلي والدعم الخارجي لخطة الإنقاذ والتعافي الموعودة.
وليس عابرا، وفق مرصد الاقتصاديين والمصرفيين، ترقب تحقيق تقدم في ملف ترسيم الحدود البحرية اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل، عبر الجولة الجديدة للتفاوض غير المباشر التي سيقوم بها قريبا الموفد الأميركي الخاص آموس هوكشتاين. حيث سبق أن ترددت معلومات مفادها أن «إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية تستعجلان الوصول إلى اتفاق قبل شهر مارس (آذار) المقبل. وهو موعد بدء الإسرائيليين بالتنقيب عن النفط في حقل كاريش. وحيث رجح المراقبون أن يكون الإسرائيليون قد وافقوا على إعطاء لبنان حقلا كاملا على أن يعود حقل كاريش كاملا لإسرائيل'.
وكشف زين الدين: 'كما برزت معطيات تتسم بالإيجابية من قبل إدارة صندوق النقد الدولي فيما يخص الملف اللبناني. حيث يرتقب استئناف المشاورات الافتراضية بين الجانبين في الأسبوع المقبل، بما يمهد لتحديد موعد انطلاق جولات المفاوضات الرسمية، في ضوء الانتهاء من إعداد مشروع قانون موازنة العام الحالي، والمعول عليه تضمينه الخطوط العريضة التي ستلتزمها الدولة في نطاق الإصلاح المالي، فضلاً عن حزمة تعديلات حيوية تتصل بتحقيق التوازن المالي بين النفقات والإيرادات والوصول إلى تزخيم الفائض الأولي في الموازنة، باعتباره هدفا لا مفر منه على طريق إعادة هيكلة الدين العام الذي تعدى عتبة 100 مليار دولار'.
تابع: 'ينوي الصندوق، وفقا لمتحدثة باسمه، مواصلة الانخراط الوثيق مع السلطات في الأسابيع المقبلة لمساعدتها على صياغة استراتيجية إصلاحية شاملة تعالج التحديات الاقتصادية العميقة التي يشهدها لبنان. فيما لم يفت المسؤولة في الصندوق التنويه بأهمية أن يتوفر «التأييد السياسي على نطاق واسع لتنفيذ هذه الاستراتيجية، بما في ذلك تأييد أي حكومة تتولى زمام السلطة في المستقبل، وبحيث يجب أن تؤدي الإصلاحات اللازمة إلى استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي، والعودة بالديون إلى مستويات مستدامة، واسترداد ملاءة القطاع المالي، والعودة إلى تحقيق نمو مرتفع وأكثر احتواءً لكل شرائح المجتمع على المدى المتوسط».
ورغم تراكم الإشارات الداخلية والخارجية الدافعة للتفاؤل بتحولات إيجابية في الفضاء اللبناني، فإن المواكبة الداخلية لـ«الفرصة الثمينة» في حال نضوجها الفعلي، ستبقى حتما مشروطة بإمكانية تحقيق انفراجات داخلية نوعية وإعادة تصويب علاقات لبنان مع محيطه العربي عموما والخليجي تحديدا. كما أن المهمة الرئيسية المتاحة أمام حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ستقاس بمدى قدرتها على إقرار الموازنة العامة وإلحاقها فورا بتوزيع المسؤوليات والأعباء واستكمال إعداد خطة التعافي، بعدما نجحت في تأمين انسجام فريقها المكلف بالتفاوض مع صندوق النقد وتقدير فجوة الخسائر بنحو 69 مليار دولار من دون اعتراضات من قبل مكونات القطاع المالي'.