كتب الزميلان رلى ابراهيم وإيلي الفرزلي في 'الأخبار': 'انتهى زمن دعم السلع، وترك الناس لمصيرهم من دون أي حماية اجتماعية. حتى البطاقة التمويلية لن تسندهم في شدتهم. فبعد أكثر من عام على النقاش في البطاقة وبعد أكثر من شهر على إقرار قانونها لا تزال اللجنة الوزارية المعنية تائهة في تحديد المعايير وآلية تطبيقها. حتى الإعلان عن إطلاق منصة التسجيل غداً، لا يهدف فعلياً إلا إلى خداع الناس، وإيهامهم بأن البطاقة ستصدر قبل إلغاء الدعم، وأن التسجيل للحصول عليها صار متاحاً، فيما الخلافات بشأنها لم تنته بعد. فإذا اتفق على النقاط العالقة، وفي معظمها تتعلق بمصالح فئوية وانتخابية وكيدية، ستحتاج إلى أشهر لتبصر النور. باختصار، سيكون الواقع أكثر مأساوية: لا دعم للسلع ولا بطاقة دعم للسكان، مجرّد وعود لمن يموت من الجوع بأنه إذا صبر سيأكل'.
أسباب التأخير
ولفتا إلى أنه 'رغم كل التوقعات المحدودة من البطاقة، فهي تبقى «الكحل الأفضل من العمى». ولذلك لا بدّ من سؤال بديهي: هل حقاً ستصدر هذه البطاقة؟ تؤكد مصادر معنية أنه من المستحيل إنجازها قبل نهاية الشهر الجاري، إذ كان يُفترض، بحسب اجتماع بعبدا الذي أقر دعم المحروقات على سعر 8 آلاف ليرة، أن تكون شرطاً يسبق رفع الدعم'.
وأضاف ابراهيم والفرزلي: 'الأسوأ أن المسألة لا تقتصر على تأخير عن نهاية الشهر، بل ترتبط بما هو أخطر. فالمنصة التي كان يفترض أن تطلق الأسبوع الماضي، وستُطلق اليوم شكلياً، لم يكن عدم إطلاقها مرتبطاً بتأخير تقني، بل إن اللجنة المعنية بالمعايير الخاصة بالبطاقة، لم تنهِ بعد نقاشاتها، رغم أن قانون البطاقة الذي نشر في الجريدة الرسمية في 22 تموز ينص على أن تعمد اللجنة الوزارية إلى وضع المعايير خلال أسبوعين. لكنها بعد خمسة أسابيع لم تحسم عدداً من النقاط الأساسية، التي لا يمكن للبطاقة أن تتحول إلى أمر واقع من دونها:
– لا قرار نهائياً بشأن عملة البطاقة، هل هي بالدولار أو بالليرة؟ مصرف لبنان يُفضّل الدفع بالليرة بحسب سعر صرف الدولار، إلا أن ذلك دونه عقبتان، أولهما أن المصرف يعتبر أن منصة «صيرفة» هي التي تُعبّر عن سعر السوق (تقلّ بنحو ألفي ليرة على الأقل عن السعر الفعلي للسوق)، علماً أن البعض اقترح أن يُصار، في حال اعتماد الليرة، إلى الأخذ بسعر الصرف الذي تحدد عبر التطبيقات المتداولة لتحديد سعر الدولار، متجاهلين أن هذه التطبيقات قيد الملاحقة الأمنية!
– طريقة الدفع لم تحدد بعد، فاللجنة المعنية لا تزال تناقش أي الخيارات أفضل، هل يتم دفع المستحقات النقدية من خلال المصارف، بحيث يتم صرفها من خلال أجهزة الصراف الآلي، أو من خلال وكلاء تحويل الأموال، أو من خلال تطبيقات المحفظة (Wallet) على الهواتف الذكية (…zaky, pinpay)، والتي يمكن تحويل المبالغ المحددة إليها على أن تسحب نقداً من نقاط تحويل الأموال'.
– رغم الاتفاق على أن تمول البطاقة عبر تحويل قرض البنك الدولي المخصص للنقل العام إليها (300 مليون دولار) ونحو 250 مليون دولار من حقوق السحب الخاصة التي حصل عليها لبنان من صندوق النقد، إلا أنه لم يحسم بعد المبلغ المفترض اقتطاعه من هذه الحقوق، بانتظار الوصول إلى معلومات إضافية تتعلق بالكلفة الفعلية للمشروع. كما لم تُحسم بعد مسألة إيجاد دولة توافق على استبدال الأسهم بالدولارات، وإن كان يحكى أن المفاوضات مع قطر قطعت شوطاً كبيراً.
حبر على ورق!
وختم ابراهيم والفرزلي: 'ووفقاً للمسار الانحداري لجلسات النقاش ومضمونها، كل الكلام عن بطاقة تمويلية لم يرق إلى حدّ الحديث عن «حبر على ورق». ولا شكّ أن العامل السياسي بات عنصراً أساسياً في إطلاقها ويوظف لخدمة مصالح الأحزاب، لا لخدمة الطبقات المهمشة التي تُركت لمواجهة رفع الدعم وجنون الأسعار وارتفاع سعر صرف الدولار من دون أي برنامج اجتماعي أو خطة حماية. ثمة ما يفوق القدرة على تصديقه: وزراء يجتمعون أسبوعياً ويخرجون كما دخلوا من دون أي نتيجة'.
ما سبق يوصل إلى خلاصة واحدة: البطاقة التمويلية لن تصدر حتى لو أعلن عن بدء التسجيل. وفي حال المبالغة في التفاؤل إذا ما تم التوافق على كل التفاصيل والآليات، سيحتاج جمع الداتا والتأكد منها وبدء العمل بشكل فائق السرعة، إلى ما لا يقل عن ستة أشهر لإصدارها. في حين أن رفع الدعم بدأ أو ستظهر مفاعيله نهاية الشهر، فيما سبق رفع الدعم انهيار اقتصادي غير مسبوق تسبب بغلاء في الأسعار منذ نحو عام ونصف عام. ربما يراد للناس أن يصلوا إلى مراكز الاقتراع في أيار من العام المقبل، زحفاً'.