رأت صحيفة 'الجمهورية' في عدد اليوم الثلثاء أن ما وصفته ب' الكرة التي دحرجها باسيل في اتجاه امين عام 'حزب الله' بالاحتكام الى قراره، وان كانت قد تفاعلت سلباً في الشارع المسيحي، الّا انّ ارتداداتها السلبية شملت المقلب الاسلامي، حيث اعتُبر طرح باسيل نوعاً من 'المراهقة السياسية ومحاولة تذاكي وتحايل ساقطة ضمن حدود المكان الذي انطلقت منه'. واللافت في هذا السياق، هو الصمت الكامل من قِبل 'حزب الله' حيال طرح باسيل، فيما هذا الطرح حرّك نقاشاً واسعاً وجدّياً في اوساط الحزب، قاربه كمحاولة لا طائل منها، بل كإحراج للسيد نصرالله'.
وأضافت: 'أكّدت مصادر سياسية مسؤولة لـ'الجمهورية'، انّ هذا الطرح، وبعيداً من حسن النية او سوء النية، ليس مرتجلاً او متسرّعاً، بل هو معدّ عن سابق تصوّر وتصميم، لكن مفاعيله الفورية انّه من جهة، أذى باسيل مسيحياً، وعبّرت عن ذلك الحملة الاعتراضية التي قابلته من قوى مسيحية متعدّدة. ومن جهة ثانية لم يلق الصدى الايجابي لدى 'حزب الله'، بحيث انه قد يفسّر بأنّه يضع امين عام الحزب في موقع المعطّل للحكومة، وعلى كلمته يتوقف حلّ العقد، علماً انّ باسيل نفسه يعرف موقف نصرالله تمام المعرفة، وسبق له ان لمسه شخصياً في الاجتماعات الاخيرة والفاشلة بينه وبين المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي لأمين عام 'حزب الله' حسين خليل ورئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، والاخيران عبّرا عن موقف نصرالله بضرورة ان يسهّل باسيل تشكيل الحكومة''.
وتضيف المصادر المسؤولة: 'هذا الطرح ليس عاملاً مسهّلاً لتشكيل الحكومة، بل يعكس الإمعان في التعطيل. فباسيل ينسف مبادرة الرئيس نبيه بري، مكمّلاً بذلك ما ذهب اليه البيان الرئاسي اواخر الاسبوع الماضي، وبالتالي هو يدرك انّ 'حزب الله'، وتحديداً السيد نصرالله، لا يتبنّى موقفه، ولا يماشيه في طروحاته والشروط التعجيزية التي تُطرح، سواء الثلث المعطّل وغيره، بل هو متمسك بمبادرة الرئيس نبيه بري، وهو صاحب مقولة 'الاستعانة بصديق اسمه نبيه بري والتجاوب مع مبادرته كفرصة وحيدة للحلّ، وشدّد اكثر من مرة على انّ تشكيل الحكومة ضرورة توجب تنازلات من كل الاطراف'.
وتابعت 'الجمهورية': 'تخلص المصادر الى القول: 'لنذهب الى المدى الأبعد، ونفترض انّ السيد نصرالله استجاب لنصرالله، وقال كلمته وشُكّلت الحكومة بعد ذلك، فكيف سيُنظر الى هذه الحكومة، ألن تُصنّف هذه الحكومة على انّها حكومة 'حزب الله'؟ علماً انّ قرار الحزب واضح لجهة رفضه تحمّل هذا الوزر، وعدم التدخّل من قريب أو بعيد في مسار التأليف تجّنباً لإلصاق هذه التهمة بالحكومة العتيدة، ما خلا ملاحظات وتمنيات يبديها بين حين وآخر، للتوفيق بين الاطراف وتقريب وجهات النظر في ما بينهم، وصولاً الى حكومة شراكة متوازنة لا ثلث معطلاً فيها لأي طرف'.
موقف الحزب: أولوية البيت الشيعي
إلى ذلك استبعدت مصادر مطلعة على اجواء 'حزب الله' ان يتفاعل الحزب ايجاباً مع طرح باسيل، وقالت لـ'الجمهورية': مفتاح الحكومة ليس بيد الحزب، بل هو في يد رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. وبمعزل عن ذلك كان في الامكان النظر الى طرح باسيل على انه نابع من حسن نيّة ورغبة في حل المعضلة الحكومية، لو انه لم يبادر الى الهجوم على الرئيس بري وقصف مبادرته. لا نريد ان نقول انّ باسيل ارتكب خطأ فادحاً بذلك، بل نقول ربما خانته الذاكرة بأنّ الثابت الأول لدى 'حزب الله' ولدى السيد نصرالله هو البيت الشيعي والعلاقة مع الرئيس نبيه بري وحركة 'أمل'، واي محاولات لإحداث شرخ بينهما سيكون مآلها الفشل الذريع، على غرار محاولات متتالية جرت منذ العام 2005، ومنيت بالفشل'.
الرئاسات… والحكومة
وأوضحت: 'بحسب معلومات 'الجمهورية' انّ الوساطات التي تحرّكت في الايام الاخيرة، وتولى جانباً منها 'حزب الله' بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، لم تتمكّن من فتح كوة انفراج بينهما. وعكست مصادر الحزب تشاؤماً ملحوظاً، وقالت لـ'الجمهورية': سعينا، ولكن لا شيء حتى الآن. وبالتأكيد انّ مساعينا ستستمر.
وعلى المقلب الحكومي قطيعة تامة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، والطرفان ينتظران ما سيقدم عليه الآخر، فرئيس الجمهورية بحسب ما تؤكد مصادر القصر الجمهوري لـ'الجمهورية' ما زال يؤكد على انّ الضرورة الوطنية تحتّم تشكيل حكومة سريعاً، وعلى مسؤولية الحريري في التعطيل، وعدم قدرته على تشكيل حكومة. وبالتالي، فإنّ المبادرة هي في يد الرئيس المكلف'.
الحريري: إعتداء على الصلاحيات
وتابعت 'الجمهورية': على جبهة الرئيس المكلّف، لا جديد تضيفه أوساطه على الموقف الثابت الذي يقوم على الرغبة الشديدة في تشكيل حكومة وفق مندرجات المبادرة الفرنسية التي ترتكز عليها مبادرة الرئيس نبيه بري.
وأكدت انّ الرئيس المكلف قدّم كل التسهيلات الممكنة للتعجيل بتأليف الحكومة، لكنه يواجَه في المقابل من قبل رئيس الجمهورية وفريقه السياسي بالإصرار على التعطيل، وكلام باسيل في مؤتمره الصحافي يؤكد هذا المنحى. وقالت انّ الرئيس المكلف ملتزم بالطائف وبالدستور، ويرفض بالتالي التسليم بأي أعراف جديدة يحاولون فرضها على آلية تشكيل الحكومات، ولن يمرّر بحال من الاحوال اي محاولة للاعتداء على صلاحيات الرئيس المكلف في تأليف الحكومة، ولا تقييده بأي شروط من اي نوع كانت'.