كتبت صحيفة “الجمهورية”: “خطفت الاضواء أمس محادثات الوسيط الاميركي التي تمخّض عنها موقف لبناني موحد يقوم على معادلة «لا نفط هنا ولا نفط هناك وترسيم الحدود أولوية»، ويشدّد على حق لبنان في الخط 23 وما فوق بمساحة تتراوح بين 300 و400 كلم2، ما يخلق خطاً جديداً بين الخطين 23 و29، على حد قول مصدر رفيع المستوى لـ»الجمهورية»، مؤكداً انّ الكرة باتت في ملعب الوسيط الاميركي الذي غادر لبنان مساء امس من دون أن تعرف وجهته اذا كانت اسرائيل او واشنطن او اي عاصمة إقليمية”.
وقائع المحادثات
وكشفت “الجمهورية”: “قال مصدر رفيع مطّلع على اجواء المحادثات مع هوكشتاين لـ«الجمهورية» ان الرؤساء الثلاثة كانوا قد اتفقوا في الاجتماع الثنائي بين عون وميقاتي ومع الرئيس نبيه بري عبر اللواء عباس ابراهيم على تحديد سقف التفاوض وفق ركائز لا يمكن المساومة عليها بناء على تقرير اللجنة الفنية التقنية برئاسة المقدّم عفيف غيث، الذي قدّم تحليلاً لطرح هوكشتاين مع نتيجة الدراسة التي قام بها مكتب الهيدروغرافيا التابع للجيش، والذي يؤكد حق لبنان في الخط ٢٣ وما فوق بمساحة تتراوح بين ٣٠٠ و٤٠٠ كلم2 تجعل حقل قانا كاملاً ضمن نطاقها ما يعني ولادة خط جديد بين الخطين ٢٣ و٢٩ يرتكز على تقسيم الحقول والبلوكات بحيث لا يكون هناك ما هو مشترك فيها مع العدو”.
واضاف المصدر: «صحيح انّ لبنان كان مُنهمكاً بالانتخابات ومتخبّطاً بأزمته لكنه طلب من هوكشتاين الذي قدّم عرضاً خلال الزيارة التي قام بها في 8 شباط الماضي، العودة الى مناقشة الامر ولم يُقل له لا اننا «نقبل» أو «لا نقبل» ولو كنّا أجبناه حينها خطياً لأصبحنا ملزمين بهذه الاجابة وبالخطوط التي سنذكرها وهذا كان جزءا من التكتيك التفاوضي، وارتأينا ان نترك بيننا وبينه خط التفاوض مفتوحاً قبل تقديم إجابة خطية، يعني اننا لم نتأخر في الجواب، اعترضنا على الطرح وطلبنا منه العودة الى مناقشة الامر».
وكشف المصدر ايضاً «انّ الوسيط الأميركي سبق أن أبلغ الى الرؤساء الثلاثة انّ في إمكانه الضغط على إسرائيل لتأجيل وصول الباخرة الى حقل كاريش الى ما بعد الانتخابات، ولبنان الرسمي كان يعلم انّ إسرائيل ستبدأ باستخراج النفط في هذا الوقت وفق العقد الذي ابرمته مع الشركة اليونانية منذ ٢٠١٩».
وختم المصدر «انّ الكرة الان هي في ملعب الوسيط الأميركي الذي يتوجّب عليه حل هذا الامر مع الجانب الاسرائيلي، والّا فإن كل الخيارات مفتوحة أمامنا». وأكد «أنّ هناك شبه تكامل في الموقف الذي يرتكز على معادلة واضحة: لا نفط هنا، لا نفط هناك والترسيم أولوية”.
رواية أُخرى
وأوضحت “الجمهورية” أنه “في رواية اخرى انّ هوكشتاين تلقّى عرضا واحدا في مجموعة اجتماعاته مع المسؤولين الرسميين ومفاده ان لبنان وبعد البحث في الخط المتعرج المطروح من جانبه في زيارته الاخيرة الى لبنان، والذي عدّل في الخط 23 المعترف به من الجانب اللبناني والمسجل لدى الأمم المتحدة، لديه مجموعة من الملاحظات التي يمكن التوقّف عندها ومنها:
– انّ الخط المقترح بطريقة متعرّجة من جانبه تجاوز حق لبنان بالحوض الموجود بقسم كبير منه في البلوك الرقم 9 المعروف بحوض قانا يجب ان يشمل الحوض بكامله بما فيه الجزء الشمالي من البلوك الرقم 72 الإسرائيلي، ويجب ان يعود الحوض كاملا الى المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية وان توسّعت «الفسحة المتعرجة» جنوباً يمكن ان تستوعب الحوض كاملاً.
– الابقاء على الخط 23 كما كان سابقاً من نقطة التعرّج المقترحة في الشكل الجديد من الجانب اللبناني في الحوض الرقم 8 في شكل مستقيم وكما رسمه لبنان من قبل، وهو ما يضمن كامل البلوك.
وقالت مصادر معنية لـ«الجمهورية» انه، وبعد الإشارة الى هاتين النقطتين التي أجمعَ المسؤولون اللبنانيون عليهما، طُرِحت الخريطة الخاصة بالاقتراح اللبناني في لقاء بعبدا. وبعدما توقّف الجميع امامها بعد شرح تفاصيلها سلّمت منها نسخة الى هوكشتاين وهي تعطي لبنان مساحة إضافية رفعت حصته من خط هوف الذي اعطاه 860 كلم2 الى 1200 كلم2.
ولفتت “الجمهورية” إلى أنه “في المعلومات التي تسرّبت فور نهاية جولة هوكشتاين على المسؤولين أنه حرص على ان يكون مستمعاً بعدما عبّر عن ارتياحه الى كَون الموقف اللبناني باتَ موحداً، وهو ما لم يشهد عليه في الزيارات الخمسة السابقة التي قام بها الى لبنان. كما لفت في لقاءاته من بعبدا الى عين التينة والسرايا الحكومية انه لا يحمل جديداً وأن ما طرحه سابقاً ما زال قائماً.
ولفت هوكشتاين في اكثر من اجتماع الى انه كان وما زال وسيطاً بموافقة الجانبين اللبناني والإسرائيلي، وهو سيستأنف مهمته وسيقوم بما تُمليه عليه مهمة الوسيط المسهل وسيَنقل الملاحظات اللبنانية الى الجانب الاسرائيلي آملاً أن ينال جواباً عليها في مهلة اقصاها اسبوعين، وسيعود بها الى لبنان.
ومن جملة الملاحظات التي تحدث عنها هوكشتاين إشارته إلى انّ الدراسات الجيولوجية وعمليات الحفر أثبتت وجود الكميات الكبيرة من الغاز والنفط في حقل «كاريش»، ولكن كل هذه الامور لا تنطبق على وضع حوض قانا «وما عليكم سوى التنبّه الى هذه الملاحظات المهمة والتثبّت ممّا هو متوافِر فيه”.